الخميس، 16 يونيو 2011

فن التأثير في الآخرين

يتقن الأذكياء عاطفياً ملامسة الجانب العاطفي الشعوري لدى الآخرين  والتعامل معه، فهم الأقدر على تخفيف حدة مشاعر الآخرين السلبية عبر الاستماع إليهم، وطمأنتهم، والتفاعل مع مشاعرهم وأحاسيسهم. كما أنهم  الأقدر على بث طيف من المشاعر الإيجابية في نفوس من حولهم، وإشعال نار الحماسة لديهم. ولذا يخبرهم الناس عن سعادتهم ورضاهم عن صحبتهم: (أشعر معك بالارتياح، بالحماسة والنشاط، بالتقدير لنفسي ولما أقوم به،..).
- تظهر هذه المهارة في العناصر التالية:
* القدرة على إقامة علاقة توافق مع الآخرين. وهي العلاقة التي تنشأ منذ  لحظة التعارف الأولى. إننا نشعر بالتقارب عادة من أولئك الذين يشبهوننا في الاهتمامات والقيم، وحتى في المظهر ووضعية الجسم، ولذا من المستحيل أن تتقارب من شخص واقف بينما أنت جالس.
* يعطي الأذكياء عاطفياً اهتماما خاصاً لبعض الأفعال الصغيرة ولكنها مهمة بما تتركه من أثر كبير في نفوس من حولهم. ومن ذلك: (منحهم كلمات الثناء الدافئة، تذكر أسمائهم ومناداتهم بأحبها إليهم، الابتسامة، لنظر في عيونهم، الاستماع إليهم بانتباه، دعمهم في أوقات الشدة، مشاركتهم أفراحهم وأتراحهم، وغيرها).
* قوة إظهار المشاعر؛ ذلك أننا (نُعدي) بعضنا بعضاً شعورياً، فالمشاعر معدية. إذ يتم ذلك بشكل خفي معظم الأحيان، بحيث تنتقل هذه المشاعر من الأقوى إظهاراً إلى الأضعف. لذا سيحظى بقوة التأثير أولئك الذين يظهرون  مشاعرهم بوضوح.
* القدرة على استشفاف الحالة المزاجية لدى الآخر، ومن ثمّ السعي إلى  التناغم أو التزامن معها والاستجابة وفقها. إنّ هذه المهارة المعقدة وراء قدرة بعض الخطباء على تحريك آلاف الجماهير بكلماتهم وخطبهم.
* استكشاف (الأزرار النفسية) الخاصة بكل شخص، والتي تمنحه الرضا   والطمأنينة، أو تثير حماسه ورغبته في المشاركة والعمل والتفاني. إن ما  يثيرنا أمور متباينة، لكننا بلا شك نكاد نتفق على أننا ننشد إلى من  يهتم بشؤوننا، ومصلحتنا الخاصة. إننا نعطيهم كل حواسنا.
* من تقنيات التأثير في الآخرين مساعدتهم على وضع المواقف أو الحقائق  في إطار جديد، والنظر إلى الأشياء من زاوية مختلفة، مما سيُولّد فيهم الدهشة: (أوه.. أنت على حق.. لم أفكر في هذا من قبل).
وهذا يحدث مثلاً عندما نحوّل المشكلة إلى تحدٍ، والعمل إلى متعة وفائدة: (إن قبولك للعمل في شركتنا سيتيح لك الفرصة ليس لكسب المال فقط، بل للعمل مع أشخاص أكفاء أو المشاركة في مشروع نادر).
- الشخصية العدوانية السلبية:
من أشكال التأثير السلبي في الآخرين هو ما يقوم به أصحاب الشخصية العدوانية السلبية من تسميم للجو الشعوري في العمل. مثل هؤلاء يبدون أشكال السلوك العدواني ضد الآخرين ولكن بطريقة سلبية! فهم يكثرون الشكوى من رؤسائهم، والاستهزاء بهم (في غيابهم!)، وتراهم نكدين، مقطبي الجبين، كثيري الجدال، ولا يكفون عن الشكوى المبالغ فيها من سوء حظهم وتعاسة حالهم، ومن سوء فهم الناس لهم ومن قلة التقدير الذي يجب أن ينالوه. ومع هذا كله تجدهم مقصرين في أداء أعمالهم والقيام بواجباتهم المهنية والاجتماعية.
وهناك طريقة وتلميحات عديدة ينبغي الخوض فيها وذكرها في موضوع فن التأثير في الحديث فهيا بنا نقرأ معاً هذه المعلومات الرائعة:
استدرج الشخص الآخر لقول “نعم” بسرعة
إن سر أسلوب سقراط كان يرتكز علي استدراج الشخص الآخر لقول كلمة “نعم”، فعندما تخوض نقاشا مع أحد لا تبدأ بسرد الأشياء التي تخالفه فيها الرأي، بل ابدأ بتأكيد الأشياء التي تتفق معه بشأنها، واستمر في التأكيد أنك تسعى للهدف الذي يسعى هو إليه، وان الفرق في طريقة التنفيذ وليس الهدف اجعل الآخر يوافقك الرأي وحاول أن تثنيه عن التفوه بكلمة “لا” فمن طبيعة السلوك البشرى أن الجواب بالنفي هو من أصعب العقبات التي يمكن التغلب عليها، فعندما يجيب بـ “لا” يفرض عليه كبرياؤه أن يبقى مصرا عليها ولو شعر أنه مخطئ، فكبرياؤه يأبى عليه الاعتراف بخطئه، وحالما يتفوه بشيء يجب أن يحافظ عليه، وذلك مثلما فعلت قريش مع النبي صلي الله عليه وسلم.
اترك دفة الحديث للشخص الآخر
وهذه الطريقة صمام الأمان لمعالجة الشكاوى، فغالبا ما يتحدث الناس عن أنفسهم عندما يحاولون إقناع الآخرين لطريقة تفكيرهم، ولكن الصواب ترك الشخص الآخر يتحدث عن نفسه فهو يعرف مشاكله أكثر منك وقم بسؤاله أسئلة ودعه يخبرك شيئا ما، فان لم توافقه الرأي ويحلو لك مقاطعته إياك أن تفعل ذلك، لأنه في منتهى الخطورة 000 فلن يصغى إليك مادام رأسه مملوءة بالأفكار التي تحتاج أن يعبر عنها فاستمع بصبر وتيقظ وشجعه على التعبير عن كافة آرائه حتى تنتهي حالة الغضب ويهدأ.
اسأل الشخص الآخر أسئلة بدلا من إعطائه أوامر مباشرة
فما من أحد يحب تلقى الأوامر، فبدلا من إلقاء الأوامر قم بتوجيه أسئلة، فهذه الوسيلة تسهل للشخص الآخر تصحيح أخطاءه، وتجعله يحتفظ بكبريائه وتمنحه الشعور بالأهمية، كما تبعث فيه روح التعاون بدلا من العناد، وتلك الأسئلة مثل: أيمكننا أن نعتبر ذلك…، هل تعتقد أن ذلك أفضل..، ربما لو قمنا بصياغتها بهذه الطريقة يكون أفضل.
تعاطف مع أراء ورغبات الآخرين
لو أردت أن تتعلم عبارة سحرية تضع حدا للجدل، وتزيل الشعور بالضغينة وتولد النية الحسنة وتجعل الشخص الآخر يستمع إليك بإصغاء؛ فابدأ كلامك بالقول: لا ألومك على الإطلاق لشعورك هذا، فأنا لو كنت مكانك لتصرفت مثلك تماما إن جواب كهذا كفيل بأن يلين من حدة أكثر الناس سفاهة وحبا للمجادلة؛ وقولك سيكون صادقا لأنك لو كنت مكانه وفي ظروفه لفعلت مثله؛ فالسبب أنك لا تعبد البقر أنك لم تولد في عائلة هندوسية، وقل لنفسك: إن تصرف هذا الرجل ليس إلا مما قدره الله تعالى عليه.
اعرض أفكارك بطريقة مثيرة
فذكر الحقيقة مجردة لا يكفي، فالحقيقة يجب أن تأتي سريعة ومثيرة، وعليك إتقان فن عرض أفكارك؛ مثلما تتقنه شركات الإعلانات والسينما والتلفزيون، لأن عنصر حب الاستطلاع يستحوذ على انتباه الناس.
ولّد في الشخص الآخر رغبة جامحة
من أصول علم التأثير في السلوك الإنساني، أن العمل ينبع مما نرغب به أصلا، وهذه أفضل طريقة للإقناع سواء بالعمل أو البيت.. فعندما تريد اصطياد السمك لا تضع في الصنارة طعم من الشكولاته التي تحبها أنت ولكنك تضع الدودة التي تحبها السمكة؛ ولذا فالطريقة الوحيدة للتأثير علي سلوك الشخص الآخر أن تتحدث عما يريده هو قالوا أن رجلا ولدت زوجته بنتا واختارت لها اسما معينا لاتفاقيهما.. إن كانت بنتا فللزوجة اختيار الاسم؛ وأراد الزوج تغيير هذا الاسم وكان يعلم أن زوجته سوف ترفض لأنه اختيارها هي، فما كان منه إلا إخبارها أن هذا الاسم هو اسم أول فتاة أحبها قبل الزواج منها !! وعلى الفور صممت الزوجة على تغيير هذا الاسم هكذا حقق هدفه بتوليد الرغبة الجامحة في الشخص الآخر.
ضع الأمر موضع التحدي
وهو إثارة روح التنافس، ولا أعني التنافس من أجل كسب المال، بل الرغبة في التفوق والتحدي، وهي طريقة مضمونة لمناشدة من له روح متوثّبة، فليس المال وحده هو القادر على جمع الرجال الصالحين أو يبقيهم معا، ولكن المنافسة وحدها تستطيع ذلك، وهي اللعبة التي يحبها كل رجل ناجح لأنها فرصته للتعبير عن الذات واثبات القدرة علي التفوق والفوز.. وذلك هو ما يدفع لإقامة منافسات السباحة والمباريات بأنواعها؛ لذا فمن المهم وضع فكرتك موضع التحدي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.